لا يقصد من هذا الكتاب إثبات : أنَّ المؤلف هو علاَّمة زمانه، أو الحق يجري على فيه كأحد الملهمين، أو هو الإمام، أو هو الشيخ الأكبر، أو حجة الإسلام، أو شيخ الإسلام، أو آية الله الكبرى، أو أية ألقاب أخرى : يوزعها المذهبيون كما يريدون، أو يطلقونـها على من يريدون أو ...أو....
الكتاب ببساطة كتابة شخص وفق منهج المعتـزلة في الزمن المعاصر، يعالج قضية من قضايا الأفكار الإيمانية، ولم يكتب المعتـزلة القدامى طلبا للألقاب، ولم يكن للمعتـزلي لقبٌ ؛ فهم دون غيرهم لا تظهر في مدونتهم أسماؤهم إلاَّ معراة من أي لقب : معبد الجهني، واصل بن عطاء، عمرو بن عبيد، عثمان الطويل، أبو موسى المردار وتلميذاه الجعفران، أبو الهذيل العلاف، ثمامة بن الأشرس، النظام، الإسكافي، الجاحظ، الخياط، أبو علي الجبائي، أبو سعيد السيرافي، أبو هاشم الجبائي، وغيرهم كثر .كتب المعتـزلة الآن موجودة، فهل فيها أوصاف مدح مغال أطلقها المعتـزلة على شيوخهم، مثل إطلاقات المذهبيين والفرقيين . المعتـزلة ليست مذهبا من المذاهب ولا فرقة من الفرق، بل هي منهج لفهم الإسلام والقيام بالدعوة إليه، والمنافحة دونه باللسان، ولن يكونوا غير ذلك ! .
هدف الكتاب : إعادة بناء الإيمان بقيام الساعة، دون تخليط، فهي بغتة ! وهي تعني انهيار نظام الكونفالبعث والحشر والحساب، وليس قبل ذلك، وهي آتية لا ريب فيها ولا شك فيها ، والله تعالى يقول :]يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً[ و [الصُّورِ] وهي كلمة وردت في القرآن الكريم عشر مرات، ليس المراد منها البوق عند المعتزلة، بل هي صُوَر الناس، أي جمع صورة مثل : صوفة جمعها صوف، وكلمة النفخ إذ وردت في القرآن الكريم تعني سرعة الاستجابة لمراد الله الكوني، قال تعالى : فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (الحجر:29) ولكن المعتزلة ترفض الدخول في صراع مع القائلين : بأنَّ الصور هو بوق ينفخ فيه الملاك، فليقولوا ذلك ! فالمهم هو موت الناس ثم بعث الناس .
الإيمان بقيام الساعة وأنـها بغتة، هو ما أكده القرآن الكريم واضحا، لكن علامات الساعة كما ترد في الحديث لا تضيف أي معنى فيه حكمة، فالساعة واقعة لا محالة ووقوعها بغتة يجعل الناس على وصف القرآن (( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ )) (الأنبياء:49) .
بعض بني الإنسان وخاصة مجموعة أهل الورع منهم -وليس الأتقياء -وهم مشدودون للزمان والمكان، يرون الأمر من زاوية الزمكان، فأشفقوا على الناس من تطاول البعث ؛ لـهذا حاولوا إقامة سور خوف يردع به زمرة الفجار، فاخترع الذهن محاولات تقريبية للزمان، ليكون وعظا للفجار، قال تعالى عن حالـهم هذه : (( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداًوَنَرَاهُ قَرِيباً )) (المعارج : 6، 7) لـهذا قالوا : بعذاب القبر، وقالوا بالعلامات الصغرى، والعلامات الكبرى، ارتكازا إلى ثقافة أهل الكتاب، مع إعطاء تلك الثقافة مشروعية إسلامية، من الكتاب، أو من الحديث، وبدل أنْ تُحدث الوعظ عملت على تخريب العقل، فانخفض تفكير الأمة فعادت القهقرى، وتقدم عدوها عليها في ميدان الحياة الدنيا منذ سيادة تفكير الوعظ، وإلغاء سور عدة من القرآن الكريم ذهنيا، وليس محواً أي ليس زوال النص المكتوب، بل إلغاء المعنى وبقاء النص القرآني خاصة دون معنى .
لما سبق بيانه جاء هذا الكتاب ليرد عقل المسلمين إلى الحق .
محتويات هذا الملف
1- المقدمة 2 - علامات الساعة والذاكرة الجماعية
3- الدجال ( 1 ) 4 - الدجال ( 2 )
5- المهدي 6 - عيسى بن مريم
7- أشراط الساعة والفكر المسيحي
8 - قوم يأجوج ومأجوج
9- آية الدخان، آية الدابة
10- عودة مفصلية لرد علامات الساعة
مناقشة حول علامات الساعة
11- خلاصة لرد أحاديث علامات12- جدول ( 1 )
13- جدول (2 ) 14- جدول ( 3 )
(1)
المقدمــــــة
تمتلئ كتب الحديث، بنصوص حديثية عن الفتن، والملاحم، وعلامات الساعة ويحكم علماء الحديث على بعضها بأنه صحيح السند، ويحكمون على القسم الأكثر منها بأنه ضعيف السند، أو مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو على غيره من صحابته وأتباعهم أو غيرهم من العلماء والأئمة، أي أنه حديث موضوع، ومن ناحية نـهاية السند نزولا يجد الباحث كثيراً منها مرفوعاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقليل منها موقوفاً على غيره من الرجال .
موضوع الفتن يضع له أصحاب كتب الحديث قسما لوحده، ويسمون القسم على طريقة التوزيع عندهم[كتاباً]، ويجعلون الكتاب أبواباً، كما هو في صحيحي البخاري ومسلم، وفي سنن غيرهما جاعلين الفتن والملاحم والعلامات بابا من أبواب الكتاب، أو تجدهم قد فصلوا بين الفتن والعلامات وبين الملاحم، فجعلوا لكل موضوع كتابا، كما يُرى ذلك في سنن أبي داود وربما لا يوجد باب، لا للفتن، ولا للملاحم، ولا للعلامات، كما هو عند النسائي في الصغرى ومالك في الموطأ .
هناك كتب سنة أخرى، اختصت بذكر الفتن والملاحم والعلامات، منها ما هو عام وشامل مثل كتاب النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير، ومنها ما هو خاص بإحدى العلامات مثل كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر ليوسف بن يحيى الشافعي السلمي(1) و"صفه المهدي" لأبى نعيم الأصبهاني(2)، وكتاب ا لفتن لأبي عبد الله نعيم بن حماد(3).
شَكَّلَ عام 1967م هزيمةً نكراءَ للعرب - أمام دولة العدو اليهودي - وجاء عام 1973م ليعطي نصرا محدوداً للعرب، وفي عام 1979م انتصر الآيات على نظام الشاة، في خضَمِّ هذه الأحداث ؛ امتلأتْ أكشاكُ الكتب ومكتباتُ بيعِ كتب التراث والأرصفة بكتب شعبية، المقصود أنـها كتب يطلبها العامة ؛ ويفرحون بـها، وهذه الكتب تعالج موضوع عذاب القبر، أو الأشراط وعلامات الساعة، فما هو الباعث على نشر هذين الموضوعين؟ !!!.
يمكن الربط بين هذين الموضوعين وظهور الأصولية المسيحية، وهي أصولية تجعل التاريخ فعل الله لا فعل الإنسان، والسبب -اجتهادا في ظهور الأصولية المسيحية -هو الخواء الروحي في الحياة الغربية بشقيها : المادية الشيوعية، والليبرالية الرأسمالية . تبشر الأصولية المسيحية بعودة المسيح إلى فلسطين ونصرة معطيات المسيحية، وهي عودة الأمم والشعب المضطهد [ اليهود ] إلى الله، ويتم ذلك في أرض الميعاد أي فلسطين، يلاحظ أنَّ هذه الكتب نزلت الساحة -في فترة تعالى صوت مشاريع الصلح مع دولة اليهود -وهكذا تدعو هذه الكتب -ضمناً لا مباشرة -لأنْ تُقبلَ دولة العدو باسم الوعد، وقبل المسلمون انتظار وعد النصر -الذي أخذ يداعب خيالهم، بعد التجمع اليهودي .
تلك هي مهمة هذه الكتب، وهذه هي قائمة في بعض هذه الكتب التي قرأتُـها قراءة تدبر وترتيبها جرى وفق القراءة لـها :
1. كتاب نزول عيس آخر الزمان، للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ت 911ه-= 1505م، دراسة وتحقيق محمد عبد القادر عطا، ظهرت الطبعة الأولى عام 1985م والناشر هو دار الكتب العلمية بيروت، والكتاب يقع في 94 ص .
2. كتاب عقد الدرر وعليه شرح واف موجود في نـهاية هذا البحث .
3. عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى، للحافظ أبي الفضيل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسيني، وهذه هي الطبعة الثانية عام 1986م الناشر عالم الكتب، والكتاب يقع في 167 ص حجم متوسط .
4. النهاية في الفتن والملاحم، للحافظ أبن كثير الدمشقي ت 774هـ، تحقيق محمد أحمد عبد العزيز زيدان، الناشر دار الحديث خلف الجامع الأزهر، مؤلف من جزأين في مجلدين، ويقع كل مجلد في 440 ص، وبقي مخطوطا حتى عام 1980م 0
5. كتاب المسيح الدجال وأسرار الساعة، وهو مستل من كتاب لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية -شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية -والدرة المضية هي أرجوزة شعرية، ألفها وشرحها الشيخ محمد بن أحمد السفاريني ت 1188 ه-1774 م، قدم للمستل عبد الله حجاج، الناشر مكتبة التراث الإسلامي القاهرة، الطبعة الثانية بدون تاريخ .
6. علامات يوم القيامة، للحافظ أبن كثير، وهو كما تَبَيَّنَ مُستلٌ من كتاب النهاية في الفتن والملاحم، تحقيق وتعليق عبد اللطيف عاشور الناشر مكتبة القرآن .
7. الإذاعة -لما كان ويكون بين يدي الساعة -تأليف القنوجي البخاري، وهو حسن بن علي بن لطف الله الحسيني ت 1253ه-= 1837م، الناشر مكتبة الثقافة المدينة المنورة، ودار الكتب العلمية بيروت، بدون تاريخ، وعدد صفحاته 200 .
8. الإشاعة لأشراط الساعة، تأليف الشريف محمد بن رسول الحسيني البرزنجي، الناشر دار الكتب العلمية بيروت، بدون تاريخ، وعدد صفحاته 200 حجم صغير .
9. القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، لابن حجر الهيتمي، واسمه أحمد بن محمد بن علي بن حجر ت 974ه-= 1567م، تحقيق محمد زينهم محمد عزب الطبعة الأولى، الناشر دار الصحوة -مدينة الهدى حدائق حلوان القاهرة -والكتاب يقع 110 صفحات القطع الصغير .
10. المهدي المنتظر لأبي الفضل محمد بن الصَّديق الحسيني الإدريسي والناشر عالم الكتب عام 1984م ويقع الكتاب في 110 صفحات .
11. القول المختصر في علامات المهدي المنتظر تحقيق مصطفى عاشور رقم الإيداع 4530/87 ويقع الكتاب في 88صفحة .
12. ثلاثة ينتظرهم العالم : عيسى بن مريم، المسيح الدجال، المهدي المنتظر رقم الإيداع 4833/87 للسيد عبد اللطيف عاشور والكتاب يقع في 142صفحة .
13. نزول المسيح في آخر الزمان وهو من كتب الثقافة المسيحية والناشر دار النشر المعمدانية عام 1979 .
14. لقد صدر من مثل هذه الكتب عدد ضخم غير المذكور آنفا فاطلعت عليها .
15. صدرت كتب أخذت تأول الدجال وحماره ووجود اليهود المعاصر تأويلات لا تصح في لغة العرب .
16. لقد ظهرت كتب تعين زمن ظهور المهدي بعضها في اليوم والشهر والسنة .
يصر بعض العلماء على أن ما تحويه أحاديث الأشراط خاصة، فهو فكر من أفكار الإيمان، فرتبوا عليه الكفر والإيمان، فالشيخ الحنبلي العلامة محمد بن أحمد السفاريني(4) الراجز في "الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية(5)" قال فيها :
وما أتى في النص مـن أشراط فكـله حـق بـلا شطاط
منها الإمـام الخـاتم الفصيح مـحمد المهـدي والمسيح
وانـه يـقـتل للـدجـال بباب لُدٍ خـلِّ عن جدال(6)
واستغرقت ثمانية أبيات من منظومته، التي بلغت مائتين وستة أبيات، أما شرح الأبيات الثمانية فقد استغرق في لوامعه من ص 65-157 من الجزء الثاني(7).
اختلف العلماء في مواضيع الفتنة والملاحم وعلامات الساعة اختلافاً كبيراً، فهم بين منكر لها جملة وتفصيلاً، وبين منكر لبعضها، مثبت للبعض الآخر، وشمل الاختلاف تفاصيل الأشراط على أكثر من وجه، فمثلاً يرى بعض من العلماء كابن حزم أنَّ عيسى بن مريم عليه السلام قد مات بالوفاة ؛ وانه يعود للحياة( بينما يراه آخرون انه لا يزال حياً بالسماء وسيعود(9) بينما ينكر آخرون عودته(10).
كان لسيطرة فكر أهل الحديث -وخاصة الحنابلة دون غيرهم -في موضوع الأفكار المتعلقة بالعقيدة، ومنها الفتن والملاحم والأشراط، أنْ أهمل وعن تعمد الآراء الأخرى المخالفة لهم، مما جعل الرأي العام الإسلامي -خاصة ساحة أهل السنة والجماعة -يدور مع أفكار الحنابلة حيث تدور، وظهر وكأن الخروج عن أراء الحنابلة خروج عن الإسلام .
وبدل أن يتصدى الباحثون لهذا الموضوع الخطير، بالدراسة، والبحث، والتنقيب وبمنهجية موضوعية، اخذوا يبذلون قصارى جهدهم -دون عناء وبحث -توكيد موضوع هذه العلامات، ويقذفون إلى دور الطباعة والنشر بالعديد من الدراسات المختلفة للكتب، التي تثبت الفتن والملاحم والعلامات، ولا تزال المطابع تتلقى سيلا من هذه الكتب، وتقتصر جهود بعضهم على التخريج والتحقيق والتبويب، ولا يَذْكُرُ أيُّ منهم معارضةَ المعارضين من العلماء السابقين، لهذه المواضيع إمعاناً في التضليل .
الشهادة التي صدرت بحق أحاديث الفتن والملاحم والعلامات -المقصود ما صححوه منها -هي اجتهادات أشخاص ضمن معايير لهم -وهي في أفضل المعايير وأكثرها تشدداً شروط البخاري مثلاً [ كما هي دعوى أهل الحديث ]، لا تعدو كونـها شهادة ظنية، مبنية على جهد واجتهاد ذلك المجتهد، مشدودة إلى ملكته وذوقه الخاص، وليست نصوص الوحي هي التي أثبتت صحة هذا الحديث، وضعف ذاك الآخر .
ومن المهم جداً أن يُعلم أنّ البحث هو في أحاديث معينة، ذات موضوع واحد معروف وليس البحث في السنة من حيث هي سنة، فالسنة ثابتة أنـها وحي، ومصدر تشريعي وإنكار المتواتر منها، أو ما يعرف من الدين بالضرورة، كفرٌ مخرج عن الملة لكن لا بد أن يعلم أن ثبوت مفردات السنة موضع اختلاف، وكذلك مواضيعها، فهل جاءت السنة بمواضيع خبرية ؟ وهل الأخبار التي وردت بالسنة تعطي موضوعا إيمانيا يجب التصديق به وبناء إيمان المؤمن عليه ؟ وهذه رؤية المحدثين والسلفية، أم أنـها تقدم موضوعا يجوز تصديقه ويحرم الإيمان به ؟ وهذه رؤية حزب التحرير، تلك الأسئلة جرى خلاف على جوابـها بين المسلمين، وتعصبت كل زمرة لرأيها .
بعد هذا التقديم، لابد من القيام بدراسة موضوعية منهجية، لأحاديث الفتن والملاحم والعلامات، دراسة عامة تعتني بالموضوع، ودراسة خاصة تعتني بكل حديث صح عند علماء الحديث من أحاديث العلامات، أما أحاديث الفتن والملاحم، فهي تحتاج إلى دراسة أخرى مستقلة .
مواضيع العلامات -كما رتبها علماء الحديث، اعتماداً على السبق الزمني - من دلالة معاني الأحاديث، هي كما يلي عند مؤلف لوامع الأنوار (11)
أولاً : المهدي المنتظر .
ثانياً : ظهور الدجال .
ثالثاً : نزول عيسى بن مريم .
رابعاً : ظهور يأجوج ومأجوج .
خامساً : هدم الكعبة .
سادساً : الدخان .
سابعاً : رفع القرآن .
ثامناً : طلوع الشمس من مغربـها .
تاسعاً : ظهور دابة الأرض .
عاشراً : خروج نار من قعر عدن .
الكتاب ببساطة كتابة شخص وفق منهج المعتـزلة في الزمن المعاصر، يعالج قضية من قضايا الأفكار الإيمانية، ولم يكتب المعتـزلة القدامى طلبا للألقاب، ولم يكن للمعتـزلي لقبٌ ؛ فهم دون غيرهم لا تظهر في مدونتهم أسماؤهم إلاَّ معراة من أي لقب : معبد الجهني، واصل بن عطاء، عمرو بن عبيد، عثمان الطويل، أبو موسى المردار وتلميذاه الجعفران، أبو الهذيل العلاف، ثمامة بن الأشرس، النظام، الإسكافي، الجاحظ، الخياط، أبو علي الجبائي، أبو سعيد السيرافي، أبو هاشم الجبائي، وغيرهم كثر .كتب المعتـزلة الآن موجودة، فهل فيها أوصاف مدح مغال أطلقها المعتـزلة على شيوخهم، مثل إطلاقات المذهبيين والفرقيين . المعتـزلة ليست مذهبا من المذاهب ولا فرقة من الفرق، بل هي منهج لفهم الإسلام والقيام بالدعوة إليه، والمنافحة دونه باللسان، ولن يكونوا غير ذلك ! .
هدف الكتاب : إعادة بناء الإيمان بقيام الساعة، دون تخليط، فهي بغتة ! وهي تعني انهيار نظام الكونفالبعث والحشر والحساب، وليس قبل ذلك، وهي آتية لا ريب فيها ولا شك فيها ، والله تعالى يقول :]يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً[ و [الصُّورِ] وهي كلمة وردت في القرآن الكريم عشر مرات، ليس المراد منها البوق عند المعتزلة، بل هي صُوَر الناس، أي جمع صورة مثل : صوفة جمعها صوف، وكلمة النفخ إذ وردت في القرآن الكريم تعني سرعة الاستجابة لمراد الله الكوني، قال تعالى : فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (الحجر:29) ولكن المعتزلة ترفض الدخول في صراع مع القائلين : بأنَّ الصور هو بوق ينفخ فيه الملاك، فليقولوا ذلك ! فالمهم هو موت الناس ثم بعث الناس .
الإيمان بقيام الساعة وأنـها بغتة، هو ما أكده القرآن الكريم واضحا، لكن علامات الساعة كما ترد في الحديث لا تضيف أي معنى فيه حكمة، فالساعة واقعة لا محالة ووقوعها بغتة يجعل الناس على وصف القرآن (( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ )) (الأنبياء:49) .
بعض بني الإنسان وخاصة مجموعة أهل الورع منهم -وليس الأتقياء -وهم مشدودون للزمان والمكان، يرون الأمر من زاوية الزمكان، فأشفقوا على الناس من تطاول البعث ؛ لـهذا حاولوا إقامة سور خوف يردع به زمرة الفجار، فاخترع الذهن محاولات تقريبية للزمان، ليكون وعظا للفجار، قال تعالى عن حالـهم هذه : (( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداًوَنَرَاهُ قَرِيباً )) (المعارج : 6، 7) لـهذا قالوا : بعذاب القبر، وقالوا بالعلامات الصغرى، والعلامات الكبرى، ارتكازا إلى ثقافة أهل الكتاب، مع إعطاء تلك الثقافة مشروعية إسلامية، من الكتاب، أو من الحديث، وبدل أنْ تُحدث الوعظ عملت على تخريب العقل، فانخفض تفكير الأمة فعادت القهقرى، وتقدم عدوها عليها في ميدان الحياة الدنيا منذ سيادة تفكير الوعظ، وإلغاء سور عدة من القرآن الكريم ذهنيا، وليس محواً أي ليس زوال النص المكتوب، بل إلغاء المعنى وبقاء النص القرآني خاصة دون معنى .
لما سبق بيانه جاء هذا الكتاب ليرد عقل المسلمين إلى الحق .
محتويات هذا الملف
1- المقدمة 2 - علامات الساعة والذاكرة الجماعية
3- الدجال ( 1 ) 4 - الدجال ( 2 )
5- المهدي 6 - عيسى بن مريم
7- أشراط الساعة والفكر المسيحي
8 - قوم يأجوج ومأجوج
9- آية الدخان، آية الدابة
10- عودة مفصلية لرد علامات الساعة
مناقشة حول علامات الساعة
11- خلاصة لرد أحاديث علامات12- جدول ( 1 )
13- جدول (2 ) 14- جدول ( 3 )
(1)
المقدمــــــة
تمتلئ كتب الحديث، بنصوص حديثية عن الفتن، والملاحم، وعلامات الساعة ويحكم علماء الحديث على بعضها بأنه صحيح السند، ويحكمون على القسم الأكثر منها بأنه ضعيف السند، أو مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو على غيره من صحابته وأتباعهم أو غيرهم من العلماء والأئمة، أي أنه حديث موضوع، ومن ناحية نـهاية السند نزولا يجد الباحث كثيراً منها مرفوعاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقليل منها موقوفاً على غيره من الرجال .
موضوع الفتن يضع له أصحاب كتب الحديث قسما لوحده، ويسمون القسم على طريقة التوزيع عندهم[كتاباً]، ويجعلون الكتاب أبواباً، كما هو في صحيحي البخاري ومسلم، وفي سنن غيرهما جاعلين الفتن والملاحم والعلامات بابا من أبواب الكتاب، أو تجدهم قد فصلوا بين الفتن والعلامات وبين الملاحم، فجعلوا لكل موضوع كتابا، كما يُرى ذلك في سنن أبي داود وربما لا يوجد باب، لا للفتن، ولا للملاحم، ولا للعلامات، كما هو عند النسائي في الصغرى ومالك في الموطأ .
هناك كتب سنة أخرى، اختصت بذكر الفتن والملاحم والعلامات، منها ما هو عام وشامل مثل كتاب النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير، ومنها ما هو خاص بإحدى العلامات مثل كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر ليوسف بن يحيى الشافعي السلمي(1) و"صفه المهدي" لأبى نعيم الأصبهاني(2)، وكتاب ا لفتن لأبي عبد الله نعيم بن حماد(3).
شَكَّلَ عام 1967م هزيمةً نكراءَ للعرب - أمام دولة العدو اليهودي - وجاء عام 1973م ليعطي نصرا محدوداً للعرب، وفي عام 1979م انتصر الآيات على نظام الشاة، في خضَمِّ هذه الأحداث ؛ امتلأتْ أكشاكُ الكتب ومكتباتُ بيعِ كتب التراث والأرصفة بكتب شعبية، المقصود أنـها كتب يطلبها العامة ؛ ويفرحون بـها، وهذه الكتب تعالج موضوع عذاب القبر، أو الأشراط وعلامات الساعة، فما هو الباعث على نشر هذين الموضوعين؟ !!!.
يمكن الربط بين هذين الموضوعين وظهور الأصولية المسيحية، وهي أصولية تجعل التاريخ فعل الله لا فعل الإنسان، والسبب -اجتهادا في ظهور الأصولية المسيحية -هو الخواء الروحي في الحياة الغربية بشقيها : المادية الشيوعية، والليبرالية الرأسمالية . تبشر الأصولية المسيحية بعودة المسيح إلى فلسطين ونصرة معطيات المسيحية، وهي عودة الأمم والشعب المضطهد [ اليهود ] إلى الله، ويتم ذلك في أرض الميعاد أي فلسطين، يلاحظ أنَّ هذه الكتب نزلت الساحة -في فترة تعالى صوت مشاريع الصلح مع دولة اليهود -وهكذا تدعو هذه الكتب -ضمناً لا مباشرة -لأنْ تُقبلَ دولة العدو باسم الوعد، وقبل المسلمون انتظار وعد النصر -الذي أخذ يداعب خيالهم، بعد التجمع اليهودي .
تلك هي مهمة هذه الكتب، وهذه هي قائمة في بعض هذه الكتب التي قرأتُـها قراءة تدبر وترتيبها جرى وفق القراءة لـها :
1. كتاب نزول عيس آخر الزمان، للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ت 911ه-= 1505م، دراسة وتحقيق محمد عبد القادر عطا، ظهرت الطبعة الأولى عام 1985م والناشر هو دار الكتب العلمية بيروت، والكتاب يقع في 94 ص .
2. كتاب عقد الدرر وعليه شرح واف موجود في نـهاية هذا البحث .
3. عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى، للحافظ أبي الفضيل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسيني، وهذه هي الطبعة الثانية عام 1986م الناشر عالم الكتب، والكتاب يقع في 167 ص حجم متوسط .
4. النهاية في الفتن والملاحم، للحافظ أبن كثير الدمشقي ت 774هـ، تحقيق محمد أحمد عبد العزيز زيدان، الناشر دار الحديث خلف الجامع الأزهر، مؤلف من جزأين في مجلدين، ويقع كل مجلد في 440 ص، وبقي مخطوطا حتى عام 1980م 0
5. كتاب المسيح الدجال وأسرار الساعة، وهو مستل من كتاب لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية -شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية -والدرة المضية هي أرجوزة شعرية، ألفها وشرحها الشيخ محمد بن أحمد السفاريني ت 1188 ه-1774 م، قدم للمستل عبد الله حجاج، الناشر مكتبة التراث الإسلامي القاهرة، الطبعة الثانية بدون تاريخ .
6. علامات يوم القيامة، للحافظ أبن كثير، وهو كما تَبَيَّنَ مُستلٌ من كتاب النهاية في الفتن والملاحم، تحقيق وتعليق عبد اللطيف عاشور الناشر مكتبة القرآن .
7. الإذاعة -لما كان ويكون بين يدي الساعة -تأليف القنوجي البخاري، وهو حسن بن علي بن لطف الله الحسيني ت 1253ه-= 1837م، الناشر مكتبة الثقافة المدينة المنورة، ودار الكتب العلمية بيروت، بدون تاريخ، وعدد صفحاته 200 .
8. الإشاعة لأشراط الساعة، تأليف الشريف محمد بن رسول الحسيني البرزنجي، الناشر دار الكتب العلمية بيروت، بدون تاريخ، وعدد صفحاته 200 حجم صغير .
9. القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، لابن حجر الهيتمي، واسمه أحمد بن محمد بن علي بن حجر ت 974ه-= 1567م، تحقيق محمد زينهم محمد عزب الطبعة الأولى، الناشر دار الصحوة -مدينة الهدى حدائق حلوان القاهرة -والكتاب يقع 110 صفحات القطع الصغير .
10. المهدي المنتظر لأبي الفضل محمد بن الصَّديق الحسيني الإدريسي والناشر عالم الكتب عام 1984م ويقع الكتاب في 110 صفحات .
11. القول المختصر في علامات المهدي المنتظر تحقيق مصطفى عاشور رقم الإيداع 4530/87 ويقع الكتاب في 88صفحة .
12. ثلاثة ينتظرهم العالم : عيسى بن مريم، المسيح الدجال، المهدي المنتظر رقم الإيداع 4833/87 للسيد عبد اللطيف عاشور والكتاب يقع في 142صفحة .
13. نزول المسيح في آخر الزمان وهو من كتب الثقافة المسيحية والناشر دار النشر المعمدانية عام 1979 .
14. لقد صدر من مثل هذه الكتب عدد ضخم غير المذكور آنفا فاطلعت عليها .
15. صدرت كتب أخذت تأول الدجال وحماره ووجود اليهود المعاصر تأويلات لا تصح في لغة العرب .
16. لقد ظهرت كتب تعين زمن ظهور المهدي بعضها في اليوم والشهر والسنة .
يصر بعض العلماء على أن ما تحويه أحاديث الأشراط خاصة، فهو فكر من أفكار الإيمان، فرتبوا عليه الكفر والإيمان، فالشيخ الحنبلي العلامة محمد بن أحمد السفاريني(4) الراجز في "الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية(5)" قال فيها :
وما أتى في النص مـن أشراط فكـله حـق بـلا شطاط
منها الإمـام الخـاتم الفصيح مـحمد المهـدي والمسيح
وانـه يـقـتل للـدجـال بباب لُدٍ خـلِّ عن جدال(6)
واستغرقت ثمانية أبيات من منظومته، التي بلغت مائتين وستة أبيات، أما شرح الأبيات الثمانية فقد استغرق في لوامعه من ص 65-157 من الجزء الثاني(7).
اختلف العلماء في مواضيع الفتنة والملاحم وعلامات الساعة اختلافاً كبيراً، فهم بين منكر لها جملة وتفصيلاً، وبين منكر لبعضها، مثبت للبعض الآخر، وشمل الاختلاف تفاصيل الأشراط على أكثر من وجه، فمثلاً يرى بعض من العلماء كابن حزم أنَّ عيسى بن مريم عليه السلام قد مات بالوفاة ؛ وانه يعود للحياة( بينما يراه آخرون انه لا يزال حياً بالسماء وسيعود(9) بينما ينكر آخرون عودته(10).
كان لسيطرة فكر أهل الحديث -وخاصة الحنابلة دون غيرهم -في موضوع الأفكار المتعلقة بالعقيدة، ومنها الفتن والملاحم والأشراط، أنْ أهمل وعن تعمد الآراء الأخرى المخالفة لهم، مما جعل الرأي العام الإسلامي -خاصة ساحة أهل السنة والجماعة -يدور مع أفكار الحنابلة حيث تدور، وظهر وكأن الخروج عن أراء الحنابلة خروج عن الإسلام .
وبدل أن يتصدى الباحثون لهذا الموضوع الخطير، بالدراسة، والبحث، والتنقيب وبمنهجية موضوعية، اخذوا يبذلون قصارى جهدهم -دون عناء وبحث -توكيد موضوع هذه العلامات، ويقذفون إلى دور الطباعة والنشر بالعديد من الدراسات المختلفة للكتب، التي تثبت الفتن والملاحم والعلامات، ولا تزال المطابع تتلقى سيلا من هذه الكتب، وتقتصر جهود بعضهم على التخريج والتحقيق والتبويب، ولا يَذْكُرُ أيُّ منهم معارضةَ المعارضين من العلماء السابقين، لهذه المواضيع إمعاناً في التضليل .
الشهادة التي صدرت بحق أحاديث الفتن والملاحم والعلامات -المقصود ما صححوه منها -هي اجتهادات أشخاص ضمن معايير لهم -وهي في أفضل المعايير وأكثرها تشدداً شروط البخاري مثلاً [ كما هي دعوى أهل الحديث ]، لا تعدو كونـها شهادة ظنية، مبنية على جهد واجتهاد ذلك المجتهد، مشدودة إلى ملكته وذوقه الخاص، وليست نصوص الوحي هي التي أثبتت صحة هذا الحديث، وضعف ذاك الآخر .
ومن المهم جداً أن يُعلم أنّ البحث هو في أحاديث معينة، ذات موضوع واحد معروف وليس البحث في السنة من حيث هي سنة، فالسنة ثابتة أنـها وحي، ومصدر تشريعي وإنكار المتواتر منها، أو ما يعرف من الدين بالضرورة، كفرٌ مخرج عن الملة لكن لا بد أن يعلم أن ثبوت مفردات السنة موضع اختلاف، وكذلك مواضيعها، فهل جاءت السنة بمواضيع خبرية ؟ وهل الأخبار التي وردت بالسنة تعطي موضوعا إيمانيا يجب التصديق به وبناء إيمان المؤمن عليه ؟ وهذه رؤية المحدثين والسلفية، أم أنـها تقدم موضوعا يجوز تصديقه ويحرم الإيمان به ؟ وهذه رؤية حزب التحرير، تلك الأسئلة جرى خلاف على جوابـها بين المسلمين، وتعصبت كل زمرة لرأيها .
بعد هذا التقديم، لابد من القيام بدراسة موضوعية منهجية، لأحاديث الفتن والملاحم والعلامات، دراسة عامة تعتني بالموضوع، ودراسة خاصة تعتني بكل حديث صح عند علماء الحديث من أحاديث العلامات، أما أحاديث الفتن والملاحم، فهي تحتاج إلى دراسة أخرى مستقلة .
مواضيع العلامات -كما رتبها علماء الحديث، اعتماداً على السبق الزمني - من دلالة معاني الأحاديث، هي كما يلي عند مؤلف لوامع الأنوار (11)
أولاً : المهدي المنتظر .
ثانياً : ظهور الدجال .
ثالثاً : نزول عيسى بن مريم .
رابعاً : ظهور يأجوج ومأجوج .
خامساً : هدم الكعبة .
سادساً : الدخان .
سابعاً : رفع القرآن .
ثامناً : طلوع الشمس من مغربـها .
تاسعاً : ظهور دابة الأرض .
عاشراً : خروج نار من قعر عدن .