السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه لمن الحكمة والعقل أن يقف الإنسان لحظة تأمل يسأل نفسه ويجيب بصدق:
هل أنا على صواب أم خطأ؟ هل موقفي إيجابي أم سلبي؟
ولا يستعجل في حكمه حتى يسمع ويتابع ويسأل... وربما يكون الصمت أبلغ من القول والتريث أفضل من الإقدام.
إن المتأمل لما جرى ويجري في شأن المقاطعة التي جاءت رداً على الإساءة لرسولنا محمد ج مع أنها في الحقيقة هي إساءة لنا فرسول الله أبعَدُ من أن يناله شيء وأكرم من أن تلحقه إهانة فقد رفع الله ذكره حياً وميتاً فهو حي في قبره حي في قلوبنا حي في منهجه وسنته وما يجري لا يزيده إلا رفعة وذكراً ج أليس القرآن الذي تذيعه إذاعات العالم أجمع بما فيها إسرائيل فيه { وإنك لعلى خلق عظيم }
يرى المتابع أن الناس على اختلاف انتماءاتهم وجنسياتهم ومشاربهم فقراء وأغنياء تجاراً ومستهلكين... وكذلك الإعلام بشتى أقسامه المرئية والمسموعة والمقروءة... حتى مواقف بعض الحكومات الرسمية.
يشاركون بالمقاطعة انتصاراً للمصطفى صلى الله عليه وسلم إلا فئة أظنها قليلة لم تقنع بعد إليها ذلك الخطاب:
هذا التجاوب الكبير له دلالات وفيها دروس ونتائجها ثمرات:
أما الدلالات:
1- أن الأمة مازال فيها خير كثير كما ورد في الحديث (الخير بي وبأمتي إلى يوم القيامة) ويمكن لها أن تستثمر هذه الخيرية لو أرادت.
وإن لم تستثمر هذه الخيرية مبادرة راغبة فسوف تُلْجِؤُها الأحداث مضطرة راغمة.
2- تدل الأحداث على أن هناك أموراُ كثيرة تجمّعنا مهما اختلت مشاربنا واجتهاداتنا ونستطيع أن نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً (أو على الأقل نؤجل الكلام) فيما نختلف فيه.
3- إن المقصّرين من المسلمين يمكن أن يقوموا بدور عظيم، فلا نستهين بأحد ولا نعادي من المسلمين أحداً وإن اختلفنا معهم في الرأي حتى ولو كان أقل منا علماً وتقيً في نظرنا فربما يكون عند الله أفضل منا وهيأه الله لموقف لا نقدر نحن الملتزمون عليه.
فالحكمة تقتضي استثمار طاقات المسلمين جميعاً على اختلاف درجاتهم ومستوياتهم لتصب كلها في اتجاه واحد.
أما الدروس والعبر:
1- إذا اجتمعت كلمة الأمة على أمر من الأمور تهزّ العالم بإذن الله فلو فرضنا أن نسبة المقاطعين الآن 50% فخمسين بالمئة تزيد أوتنقص وكان لها هذا التأثير الملموس على الساحة فكيف لو اجتمعت الأمة كلها لا شك أنها تغيّر مجرى التاريخ وتفرض ما تريد. أقولها وأنا بالله واثق فاجتماع الكلمة بحد ذاته نصر يخافه أهل الكفر وأنّ مردوده علينا كثير وضرره عليهم كبير.
2- إن أعداء الأمة ينظرون إلينا من زمن بعيد بعين النقص والتخلف بل والاحتقار والازدراء.. فعندما يرون هذا التكاتف العجيب من طرفنا وما خلفه من آثار سلبية عليهم سوف يعيدون النظر ويحترمون على الأقل مشاعرنا.
3- العالم المادّي تحركه وتثيره الخسارة المادّية أكثر من الخسارة المعنوية فكانت المقاطعة أقسى عليهم من الاستنكار والاحتجاج وإن تابعنا تكون عبرة لغيرهم ويُعذَر المسلمون بالمقاطعة بعد صبر ومحاولات دبلوماسية وأدبية لم تثمر... والعالم لم يهتزّ ولم يَسْمع إلا بعد ضجّة المقاطعة وقد مضى على الحدث شهور.
4- قد يقول قائل إن التاجر والشعب الدانمركي لا ذنب له... والجواب إن الشارع في بلاد الغرب له تأثير كبير في رسم السياسة إن لم يكن أساس فيها فاحتجاجه واستنكاره إذا شعر بالضرر والخسارة قد يغيّر وربما يسقط الحكومة كما نقل عنهم.. فكيف إذا كان أكثر الشارع الغربي مؤيد لهذه السخرية والاستهزاء معتبرين ذلك حرّية كما أثبتت بعض استطلاعات الرأي عندهم.
5- يدّعون أنها حرّيّة.
إذا كان السب والشتم والاستهزاء بثوابت الآخرين (بل بأعز ما يعتقدون) حرّية... وإذا كان الفعل من رسم سخيف وفن هابط وكاريكاتير مخجل حرّية فحرية الكلام والتعبير عن الرأي أولى والدعوة إلى فكرة بحرّية بالحرّية أولى بل منتهى الحرية أن يختار الإنسان من الأصناف ويشتري منها ما يريد.
فإلى الذين يتسترون بالحرية ولا يعتذرون لماذا تنكرون على من يقاطع أليست المقاطعة حرّية والتعبير عنها حرّية؟
مسكينة تلك الحرّية تعيش مظلومة بين المقهورين المحرومين منها وبين المستبدّين المستغلين لها فإذا كان كبْت الحريات مضر فإن إطلاقها أضرّ ومن لم يحترم القيم والمشاعر مُنِيَ عاجلاً أو آجلاً بالخسائر.
6- علينا أن نفكر للبعيد بالاستغناء عن الغرب في كثير من احتياجاتنا ولا نستورد إلا ما نضطر إليه حذرين.. خاصة ونحن أمة أكرمها الله بثروات بشرية ومادية، ومواد أولية كثيرة والاكتفاء الذاتي لا ينافي العلاقات الطيبة مع الآخرين والاستفادة من تجاربهم.
7- قليل دائم خير من كثير منقطع ونصرة مستمرة وإن قلّت خيْر من عاطفة جيّاشة مؤقتة.
أما الثمرات:
فرب ضارة نافعة.
هناك ثمرات عادت علينا بالفائدة وثمرات أخرى فيها للغرب فائدة.
لأنه لا يخلُ موقف من المواقف من إيجابيات ويستطيع العاقل أن يستغل أي حدث لصالحه في الدنيا أو للآخرة حتى لو كان في ظاهر الأمر مصيبة.
1- تفاعل واجتماع لكلمة الأمة (أو كادت أن تجتمع) من شرائح متباينة كانت مختلفة من قبل.
2- أليس جميلاً أن يتفق الموقف الرسمي مع الشعبي في مثل هذا ا لحدث والمعروف أنه من النادر أن تتفق الحكومات مع شعوبها في الدول العربية.
3- إيقاظ الغافلين من المسلمين وحثّ المقصّرين على فعل شيء فحماقة الأعداء توقظ البسطاء والأغبياء ومن قبل لم توقظهم نصيحة العلماء والحكماء.
4- رغم الإساءة التي تبعها غيرة وغضب فقد كانت سبباً في دفع عجلة الدعوة للأمام وباعتبارهم شعب الحرية (غير المنضبطة) وحينما يلحقهم شيء من الضرر.. فإنهم سيسارعون للتعرف على هذه الشخصية التي ضج العالم الإسلامي مع حكوماته من أجلها وسوف يقرؤون عن سيرته العطرة وقد نفذت الكتب كما ذكر بعض الإخوة ومتوقع أن يسلم الكثير منهم كما حصل بعد أحداث 11 أيلول.
5- وبالفعل ولم أكد أنتهي من مسودة هذه المقالة حتى جاءتني رسالة الكترونية تنشر بإسلام خمسين 50 دانمركياً تعرفوا على الإسلام بسبب استغرابهم لهذه المقاطعة.
ولو لم تكن إلا هذه الثمرة التي لو بذل الدعاة الكثير الكثير لا يصلوا إليها لكفى بها ثمرة.
فهؤلاء العنصريون (قلّوا أم كثروا) خدموا الدين من حيث أرادوا هدمه. وعرّفوا الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم من حيث أرادوا إهانته... وذلك عندما تحركنا بالمقاطعة.
وإني لا أستبعد أن يكون اليهود من وراء هذه الفتنة وإلا فالشعوب المتحضرة الحرة لا تنزل إلى هذا المستوى...... (والله قادر على أن يقلب مكرهم مرًّ وهمّاً ودرهمهم( ) درّ لنا وعليهم غمّ).
إن الإساءة للإسلام ونبي الإسلام هي نار تحق المسيئين وتنير عقول المنصفين الغربيين وهي نفسها وقود لمسيرة الدعوة بإذن الله.
وهناك أمر آخر: فقد ورد في الحديث (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته)
وقد يقول قائل انتقص عندهم وليس عندنا والجواب أن هذا الكاريكاتير انتقاص وإهانة لكل مسلم وأن العالم كما يقولون أصبح قرية صغيرة في ظل الشبكات الإعلامية التي عمّت الكرة الأرضة فمن منا لم يسمع أو يقرأ أو يرى ما جرى.. فكل مسلم وصل إليه الأمر عليه أن ينتصر بطريقة أو بأخرى وإذا كان هذا الانتصار مطلوب لأي مسلم أهين فما بالك بأفضل مسلم بل بأفضل البشر بل أفضل مخلوق في السماء والأرض محمد صلى الله عليه وسلم فداه أبي وأمي ونفسي وما أملك.
وفي جزء من حديث رواه أبو داود ج4/ص271(وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته) والمقاطعة على اختلاف درجاتها وتنوع مجالاتها فهي أبلغ انتصار وقد بدأ المسلمون بالدانمرك اعتراضهم بالأسلوب الدبلوماسي فلم يفلحوا و فمن لا يرعوي بالحسنى يرتدع بأسلوب أقوى وأقسى.
وإذا كان خير الأمور أوسطها فالمقاطعة أسلوب بين الاعتراض باللين واللطف وبين الرد بالقوة والعنف.
ثم أليس هذا يغيظ الكفار والأعداء؟ بلى.
يقول الله تعالى: { وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } [سورة التوبة (120)].
فأنت أيها المصرّ على شراء منتوجاتهم إن شئت أن تكسب أجراً وحسنة فقاطع ولا يكلّفك الأمر شيئاً فالمقاطعة حرب بلا سلاح يستطيعها كل من لا يقدر على حمل السلاح.
قاطع وليس عليك جُناح والمنتجات ولله الحمد وفيرة والخيارات كثيرة وانظر إلى القافلة فكل يوم يأتي نسمع عن فوائد المقاطعة.. وإن كبرت عليكم كلمة المقاطعة فسمّوها استبدال واستبدلوا سلعة بأخرى ولو مؤقتاً فلوا اجتمعنا جميعاً ماذا نرى؟
فالمقاطعة الآن كادت أن تؤتي أكلها ونجني ثمارها ولا يخيّب الله أمة اجتمع على أمر شملها وإن لم تقتنعوا بالمقاطعة فلا أقل من أن تسكتوا على اجتهاد إخوانكم.
وأنتم بالخيار ولا إكراه ولكن الأخيار تابعوا أم لم يتابعوا الأخبار يختارون المفيد لهذه الأمة وإن أ شكل عليهم الأمر.. لا يقفوا في صف الأشرار.
وأخيراً: صحيح أنها حادثة في عينهم صغيرة ولكنها في أعين الغيورين وفي ميزان القيم كبيرة
صحيح أنها إساءة ولكنها في نفس الوقت حملت في طيّاتها فوائد كثيرة
صحيح أنها للبعض صفقة خاسرة ولكنها في نهاية المطاف ربح وفائدة وأجر في الآخرة
صحيح أنها ضجة ولكنها كانت لضمير الأمة هزّة
أرادوها نارً تغيظ وتحرق وأرادها الله نوراُ يبشّر ويشرق
أرادوا تفجير قنبلة ففجّرت في أعماق الآخرين الفطرة فعادوا للإسلام دين الأنبياء جميعاً ودين الفطرة.
وفي الختام أظن أن كل مسلم يقدر أن يزيد في هذه الدلائل والدروس ويزيد على الأقل ثمره طالما في قلبه محبة وغيره.
والحمد لله في الأول والآخر .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
إنه لمن الحكمة والعقل أن يقف الإنسان لحظة تأمل يسأل نفسه ويجيب بصدق:
هل أنا على صواب أم خطأ؟ هل موقفي إيجابي أم سلبي؟
ولا يستعجل في حكمه حتى يسمع ويتابع ويسأل... وربما يكون الصمت أبلغ من القول والتريث أفضل من الإقدام.
إن المتأمل لما جرى ويجري في شأن المقاطعة التي جاءت رداً على الإساءة لرسولنا محمد ج مع أنها في الحقيقة هي إساءة لنا فرسول الله أبعَدُ من أن يناله شيء وأكرم من أن تلحقه إهانة فقد رفع الله ذكره حياً وميتاً فهو حي في قبره حي في قلوبنا حي في منهجه وسنته وما يجري لا يزيده إلا رفعة وذكراً ج أليس القرآن الذي تذيعه إذاعات العالم أجمع بما فيها إسرائيل فيه { وإنك لعلى خلق عظيم }
يرى المتابع أن الناس على اختلاف انتماءاتهم وجنسياتهم ومشاربهم فقراء وأغنياء تجاراً ومستهلكين... وكذلك الإعلام بشتى أقسامه المرئية والمسموعة والمقروءة... حتى مواقف بعض الحكومات الرسمية.
يشاركون بالمقاطعة انتصاراً للمصطفى صلى الله عليه وسلم إلا فئة أظنها قليلة لم تقنع بعد إليها ذلك الخطاب:
هذا التجاوب الكبير له دلالات وفيها دروس ونتائجها ثمرات:
أما الدلالات:
1- أن الأمة مازال فيها خير كثير كما ورد في الحديث (الخير بي وبأمتي إلى يوم القيامة) ويمكن لها أن تستثمر هذه الخيرية لو أرادت.
وإن لم تستثمر هذه الخيرية مبادرة راغبة فسوف تُلْجِؤُها الأحداث مضطرة راغمة.
2- تدل الأحداث على أن هناك أموراُ كثيرة تجمّعنا مهما اختلت مشاربنا واجتهاداتنا ونستطيع أن نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً (أو على الأقل نؤجل الكلام) فيما نختلف فيه.
3- إن المقصّرين من المسلمين يمكن أن يقوموا بدور عظيم، فلا نستهين بأحد ولا نعادي من المسلمين أحداً وإن اختلفنا معهم في الرأي حتى ولو كان أقل منا علماً وتقيً في نظرنا فربما يكون عند الله أفضل منا وهيأه الله لموقف لا نقدر نحن الملتزمون عليه.
فالحكمة تقتضي استثمار طاقات المسلمين جميعاً على اختلاف درجاتهم ومستوياتهم لتصب كلها في اتجاه واحد.
أما الدروس والعبر:
1- إذا اجتمعت كلمة الأمة على أمر من الأمور تهزّ العالم بإذن الله فلو فرضنا أن نسبة المقاطعين الآن 50% فخمسين بالمئة تزيد أوتنقص وكان لها هذا التأثير الملموس على الساحة فكيف لو اجتمعت الأمة كلها لا شك أنها تغيّر مجرى التاريخ وتفرض ما تريد. أقولها وأنا بالله واثق فاجتماع الكلمة بحد ذاته نصر يخافه أهل الكفر وأنّ مردوده علينا كثير وضرره عليهم كبير.
2- إن أعداء الأمة ينظرون إلينا من زمن بعيد بعين النقص والتخلف بل والاحتقار والازدراء.. فعندما يرون هذا التكاتف العجيب من طرفنا وما خلفه من آثار سلبية عليهم سوف يعيدون النظر ويحترمون على الأقل مشاعرنا.
3- العالم المادّي تحركه وتثيره الخسارة المادّية أكثر من الخسارة المعنوية فكانت المقاطعة أقسى عليهم من الاستنكار والاحتجاج وإن تابعنا تكون عبرة لغيرهم ويُعذَر المسلمون بالمقاطعة بعد صبر ومحاولات دبلوماسية وأدبية لم تثمر... والعالم لم يهتزّ ولم يَسْمع إلا بعد ضجّة المقاطعة وقد مضى على الحدث شهور.
4- قد يقول قائل إن التاجر والشعب الدانمركي لا ذنب له... والجواب إن الشارع في بلاد الغرب له تأثير كبير في رسم السياسة إن لم يكن أساس فيها فاحتجاجه واستنكاره إذا شعر بالضرر والخسارة قد يغيّر وربما يسقط الحكومة كما نقل عنهم.. فكيف إذا كان أكثر الشارع الغربي مؤيد لهذه السخرية والاستهزاء معتبرين ذلك حرّية كما أثبتت بعض استطلاعات الرأي عندهم.
5- يدّعون أنها حرّيّة.
إذا كان السب والشتم والاستهزاء بثوابت الآخرين (بل بأعز ما يعتقدون) حرّية... وإذا كان الفعل من رسم سخيف وفن هابط وكاريكاتير مخجل حرّية فحرية الكلام والتعبير عن الرأي أولى والدعوة إلى فكرة بحرّية بالحرّية أولى بل منتهى الحرية أن يختار الإنسان من الأصناف ويشتري منها ما يريد.
فإلى الذين يتسترون بالحرية ولا يعتذرون لماذا تنكرون على من يقاطع أليست المقاطعة حرّية والتعبير عنها حرّية؟
مسكينة تلك الحرّية تعيش مظلومة بين المقهورين المحرومين منها وبين المستبدّين المستغلين لها فإذا كان كبْت الحريات مضر فإن إطلاقها أضرّ ومن لم يحترم القيم والمشاعر مُنِيَ عاجلاً أو آجلاً بالخسائر.
6- علينا أن نفكر للبعيد بالاستغناء عن الغرب في كثير من احتياجاتنا ولا نستورد إلا ما نضطر إليه حذرين.. خاصة ونحن أمة أكرمها الله بثروات بشرية ومادية، ومواد أولية كثيرة والاكتفاء الذاتي لا ينافي العلاقات الطيبة مع الآخرين والاستفادة من تجاربهم.
7- قليل دائم خير من كثير منقطع ونصرة مستمرة وإن قلّت خيْر من عاطفة جيّاشة مؤقتة.
أما الثمرات:
فرب ضارة نافعة.
هناك ثمرات عادت علينا بالفائدة وثمرات أخرى فيها للغرب فائدة.
لأنه لا يخلُ موقف من المواقف من إيجابيات ويستطيع العاقل أن يستغل أي حدث لصالحه في الدنيا أو للآخرة حتى لو كان في ظاهر الأمر مصيبة.
1- تفاعل واجتماع لكلمة الأمة (أو كادت أن تجتمع) من شرائح متباينة كانت مختلفة من قبل.
2- أليس جميلاً أن يتفق الموقف الرسمي مع الشعبي في مثل هذا ا لحدث والمعروف أنه من النادر أن تتفق الحكومات مع شعوبها في الدول العربية.
3- إيقاظ الغافلين من المسلمين وحثّ المقصّرين على فعل شيء فحماقة الأعداء توقظ البسطاء والأغبياء ومن قبل لم توقظهم نصيحة العلماء والحكماء.
4- رغم الإساءة التي تبعها غيرة وغضب فقد كانت سبباً في دفع عجلة الدعوة للأمام وباعتبارهم شعب الحرية (غير المنضبطة) وحينما يلحقهم شيء من الضرر.. فإنهم سيسارعون للتعرف على هذه الشخصية التي ضج العالم الإسلامي مع حكوماته من أجلها وسوف يقرؤون عن سيرته العطرة وقد نفذت الكتب كما ذكر بعض الإخوة ومتوقع أن يسلم الكثير منهم كما حصل بعد أحداث 11 أيلول.
5- وبالفعل ولم أكد أنتهي من مسودة هذه المقالة حتى جاءتني رسالة الكترونية تنشر بإسلام خمسين 50 دانمركياً تعرفوا على الإسلام بسبب استغرابهم لهذه المقاطعة.
ولو لم تكن إلا هذه الثمرة التي لو بذل الدعاة الكثير الكثير لا يصلوا إليها لكفى بها ثمرة.
فهؤلاء العنصريون (قلّوا أم كثروا) خدموا الدين من حيث أرادوا هدمه. وعرّفوا الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم من حيث أرادوا إهانته... وذلك عندما تحركنا بالمقاطعة.
وإني لا أستبعد أن يكون اليهود من وراء هذه الفتنة وإلا فالشعوب المتحضرة الحرة لا تنزل إلى هذا المستوى...... (والله قادر على أن يقلب مكرهم مرًّ وهمّاً ودرهمهم( ) درّ لنا وعليهم غمّ).
إن الإساءة للإسلام ونبي الإسلام هي نار تحق المسيئين وتنير عقول المنصفين الغربيين وهي نفسها وقود لمسيرة الدعوة بإذن الله.
وهناك أمر آخر: فقد ورد في الحديث (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته)
وقد يقول قائل انتقص عندهم وليس عندنا والجواب أن هذا الكاريكاتير انتقاص وإهانة لكل مسلم وأن العالم كما يقولون أصبح قرية صغيرة في ظل الشبكات الإعلامية التي عمّت الكرة الأرضة فمن منا لم يسمع أو يقرأ أو يرى ما جرى.. فكل مسلم وصل إليه الأمر عليه أن ينتصر بطريقة أو بأخرى وإذا كان هذا الانتصار مطلوب لأي مسلم أهين فما بالك بأفضل مسلم بل بأفضل البشر بل أفضل مخلوق في السماء والأرض محمد صلى الله عليه وسلم فداه أبي وأمي ونفسي وما أملك.
وفي جزء من حديث رواه أبو داود ج4/ص271(وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته) والمقاطعة على اختلاف درجاتها وتنوع مجالاتها فهي أبلغ انتصار وقد بدأ المسلمون بالدانمرك اعتراضهم بالأسلوب الدبلوماسي فلم يفلحوا و فمن لا يرعوي بالحسنى يرتدع بأسلوب أقوى وأقسى.
وإذا كان خير الأمور أوسطها فالمقاطعة أسلوب بين الاعتراض باللين واللطف وبين الرد بالقوة والعنف.
ثم أليس هذا يغيظ الكفار والأعداء؟ بلى.
يقول الله تعالى: { وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } [سورة التوبة (120)].
فأنت أيها المصرّ على شراء منتوجاتهم إن شئت أن تكسب أجراً وحسنة فقاطع ولا يكلّفك الأمر شيئاً فالمقاطعة حرب بلا سلاح يستطيعها كل من لا يقدر على حمل السلاح.
قاطع وليس عليك جُناح والمنتجات ولله الحمد وفيرة والخيارات كثيرة وانظر إلى القافلة فكل يوم يأتي نسمع عن فوائد المقاطعة.. وإن كبرت عليكم كلمة المقاطعة فسمّوها استبدال واستبدلوا سلعة بأخرى ولو مؤقتاً فلوا اجتمعنا جميعاً ماذا نرى؟
فالمقاطعة الآن كادت أن تؤتي أكلها ونجني ثمارها ولا يخيّب الله أمة اجتمع على أمر شملها وإن لم تقتنعوا بالمقاطعة فلا أقل من أن تسكتوا على اجتهاد إخوانكم.
وأنتم بالخيار ولا إكراه ولكن الأخيار تابعوا أم لم يتابعوا الأخبار يختارون المفيد لهذه الأمة وإن أ شكل عليهم الأمر.. لا يقفوا في صف الأشرار.
وأخيراً: صحيح أنها حادثة في عينهم صغيرة ولكنها في أعين الغيورين وفي ميزان القيم كبيرة
صحيح أنها إساءة ولكنها في نفس الوقت حملت في طيّاتها فوائد كثيرة
صحيح أنها للبعض صفقة خاسرة ولكنها في نهاية المطاف ربح وفائدة وأجر في الآخرة
صحيح أنها ضجة ولكنها كانت لضمير الأمة هزّة
أرادوها نارً تغيظ وتحرق وأرادها الله نوراُ يبشّر ويشرق
أرادوا تفجير قنبلة ففجّرت في أعماق الآخرين الفطرة فعادوا للإسلام دين الأنبياء جميعاً ودين الفطرة.
وفي الختام أظن أن كل مسلم يقدر أن يزيد في هذه الدلائل والدروس ويزيد على الأقل ثمره طالما في قلبه محبة وغيره.
والحمد لله في الأول والآخر .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين